بماذا نؤمن؟
تتفق الكلية مع إيمان المجمع المعمداني الإنجيلي الذي تمت صياغته في الملخص التالي لنص “عقيدة المعمدانيين ورسالتهم” (مع الأخذ في الإعتبار بإمكانية قبول بعض الإختلافات في صياغة التفاصيل في الأمور الثانوية والممارسات، وفقًا لما ينص عليه إيمان الكنيسة التي يأتي منها الدارس)
عقيدة المعمدانيين ورسالتهم
الكتاب المقدس
الكتاب المقدس كتبه أناس بوحي من الله، وهو سجل إعلان الله عن ذاته للبشر. إنه كنز كامل من التعليم الإلهي، مؤلفه الله، وغايته الخلاص، ومادته الحق لا يشوبه أي أثر للخطأ. يبين الكتاب المبادئ التي بموجبها يديننا الله، ولذلك كان، وسيبقى إلى انقضاء الدهر، هو المركز الحقيقي للاتحاد المسيحي والمقياس الأسمى الذي على أساسه يجب أن يُمتحن كل سلوك بشري، وكل إقرارات الإيمان، والآراء الدينية. أما المقياس الذي بموجبه ينبغي تفسير الكتاب، فهو يسوع المسيح.
الله
الله إله واحد أوحد حي وحقيقي. هو كائن روحي مدرك وله ذات. هو الخالق والفادي والحافظ وسيد الكون. والله كائن غير محدود في الفكر وفي القداسة وسائر الكمالات. وعلينا تُجاهه واجب المحبة والمهابة والطاعة بأسمى صُوَرهنّ. والله الأزلي يُعلم ذاته لنا كونه الآب والابن والروح القدس، في شخصية مميزة، لكنْ دونما انقسام في الطبيعة أو الجوهر أو الكينونة.
– الله الآب: إن الله، من حيث هو الآب، يملك بعنايته الإلهية على الكون الذي خلقه، وعلى خلائقه، ويهيمن على مجرى التاريخ البشري، وفقاً لمقاصد نعمته. وهو كلّي القدرة وكلّي المحبة وكلّي الحكمة. إنا الله أب بالحق للذين يصيرون أولاد الله بالإيمان بالرب يسوع المسيح. وهو يعامل البشر جميعاً معاملة أبوية.
– الله الابن: يسوع المسيح هو ابن الله الأزلي، والخالق الذي به كان كل شيء، والكل به وله قد خُلق. وفي تجسُّده حُبل به من الروح القدس ووُلد من مريم العذراء. وقد أعلن يسوع مشيئة الله، وعمل بها، على نحو كامل، آخذاً على عاتقه مطالب الطبيعة البشرية وضروراتها، موحِّداً ذاته كلياً مع الجنس البشري وكن من دون خطيئة البتة. وقد أكرم الشريعة الإلهية بطاعته الشخصية، وبموته على الصليب أتمّ عمل الفداء لتخليص الناس من الخطية. وقد أُقيم من بين الأموات بجسدٍ ممجّد وظهر لتلاميذه وهو الشخص عينه الذي كان معهم قبل صلبه. ثم صعد إلى السماء وهو الآن ممجد عن يمين الله، حيث هو الوسيط الوحيد لكونه جامعاً في ذاته طبيعة الله وطبيعة الإنسان، وفي شخصه تُصبح المصالحة بين الله والإنسان نافذة المفعول. ولسوف يعود في قوة ومجد ليدين العالم. وهو الآن يسكن بالروح القدس في جميع المؤمنين به، كونه الرب الحي الحاضر في كل مكان.
– الله الروح القدس: الروح القدس هو روح الله. وقد أوحى قديماً إلى رجال قديسين أن يكتبوا الأسفار المقدسة وهو يمكن الناس، بواسطة تنوير ذهنهم، لفهم الحق. إنه يمجد المسيح. وهو يُبكت الناس على الخطية ويقنعهم بالبر ويُنبّههم إلى الدينونة. إنه يدعو الناس إلى المخلّص ويُجري فيهم الولادة الجديدة. يُنمي الخُلق المسيحي، ويعزّي المؤمنين، ويمنح المواهب الروحية التي بها يخدمون الله من خلال كنيسته. وهو يختم المؤمن إلى يوم الفداء النهائي. وحضوره في المسيحي المؤمن يؤكّد أن الله يريد للمؤمن أن ينمو إلى شَبَهِ المسيح. وهو ينير ذهن المؤمن ويقوِّيه وكذلك الكنيسة في العبادة والتبشير والخدمة.
الإنسان
لقد خُلق الإنسان بمبادرة من الله خاصة، وعلى صورته تعالى؛ وهو تاج خليقة الله. وكان الإنسان في أول الأمر بريئاً من الخطية، وقد منحه الخالق حرية الاختيار. وبالاختيار الحر، أخطأ الإنسان إلى الله وأتى بالخطية إلى الجنس البشري. فمن جراء تجربة الشيطان، تعدّى الإنسان وصية الله، فسقط من براءته الأصلية؛ وبذلك يرث نسلُه طبيعة ميّالة إلى الخطية وبيئة مهيِّئة لها. فحالما يصير كل إنسان قادراً على إتيان الأفعال الخُلُقية، يخطئ ويمسي تحت حكم الدينونة. ولا يستطيع أي شيء، غير نعمة الله وحدها، أن يأتي بالإنسان إلى الشركة المقدسة مع الله وأن يقدّر الإنسان على إتمام قصد الله من خلقه. والبرهان على رفعة الشخصية البشرية واضح في كون الله قد خلق الإنسان على صورته، وفي كون المسيح قد مات لأجل الإنسان. وعليه، فلكل إنسان كرامته وحقه بالاحترام والمودة لمسيحية.
الخلاص
يشتمل الخلاص على فداء الإنسان كله. وهو مقدّم مجانياً لكل من يقبل المسيح رباً ومخلّصاً. وقد أوجد الرب يسوع لكل من يؤمن فداءً أبدياً بدمه. ويتضمن الخلاص، بمعناه الأوسع، الولادة الجديدة والتقديس والتمجيد.
– الولادة الجديدة، أو التجديد: عمل تجريه نعمة الله، بموجبه يصير الذين يؤمنون خلائق جديدة في المسيح يسوع. إنها تغيير في القلب يُحدثه الروح القدس من طريق التبكيت على الخطية، ويتجاوب الخاطي معه بالتوبة إلى الله والإيمان بالرب يسوع المسيح.
والتوبة والإيمان اختباران لا ينفصلان، وهما من عمل النعمة الإلهية. أما التوبة فهي تحوّل أصيل عن الخطية نحو الله. وأما الإيمان فهو قبول يسوع المسيح وتسليمه كامل الشخصية باعتباره الرب والمخلّص. والتبرير هو التبرئة الكاملة بنعمة الله، وعلى أساس البر الإلهي، لجميع الخطاة الذين يتوبون ويؤمنون بالمسيح. والتبرير يقود المؤمن إلى علاقة بالله قوامها السلام والرضى.
– التقديس: اختبار يبدأ عند الولادة الجديدة، وبه يتم فرز المؤمن لمقاصد الله ويُقدّر على الارتقاء نحو الكمال الأدبي والروحي بواسطة حضور الروح القدس الساكن فيه وبقوته.وينبغي أن يستمر النمو بالنعمة طوال حياة الإنسان المولود من جديد.
– التمجيد: هو اكتمال الخلاص، وهو الحالة النهائية المباركة والأبدية لجميع المفديين
قصد الله بالنعمة
إن الاختيار الإلهي هو قصد من الله بنعمته، بمقتضاه يجدد الخطاة ويقدّسهم ويمجّدهم. وهو متناغم مع حرية الاختيار لدى الإنسان، كما يشتمل على توظيف جميع الوسائل لبلوغ الغاية. فالاختيار برهان مجيد على صلاح الله المطلق وسيادته الكلية، وليس له من حدود في حكمته وقداسته وعدم تغيره. والاختيار يتنافى مع الافتخار، ويستدعي التواضع وعدم الاستكبار.
وجميع المؤمنين الحقيقيين يثبتون إلى النهاية. فالذين قبِلهم الله في المسيح وقدّسهم بروحه لن يسقطوا البتة من حال النعمة، بل سيظلون ثابتين إلى النهاية. وبينما قد يسقط المؤمنون في الخطية بالإهمال والتجربة، وبذلك يُحزنون الروح القدس ويخالفون مقتضيات النعمة ويُحرّمون التعزيات ويجلبون التعبير على اسم المسيح، ويستنزلون على أنفسهم قصاصاً زمنياً من الله، فإنهم مع ذلك سوف يُحفظون، بقوة الله وبواسطة الإيمان، للخلاص النهائي.
الكنيسة
تتألف كل كنيسة للرب يسوع المسيح في العهد الجديد من جماعة محلية تضم مؤمنين معمدين يجتمعون معاً بمقتضى عهد الإيمان وشركة الإنجيل. على أن تراعي تلك الجماعة الفريضتين اللتين رسمهما المسيح، وتكون ملتزمة تعاليمه، وممارسة للمواهب والحقوق والامتيازات الممنوحة لها بواسطة كلمته، وساعية لنشر الإنجيل إلى أقاصي الأرض. وهذه الكنيسة هي كيان مستقل بذاته يقوم بعمله بواسطة إجراءات ديمقراطية تحت سيادة الرب يسوع المسيح. ويكون الأعضاء في مثل هذه الجماعة متساوين في المسؤولية. أما قادتها بحسب تعليم الكتاب المقدس فهم الرعاة والشمامسة.
كذلك يتكلم العهد الجديد أيضاً عن الكنيسة بوصفها جسد المسيح الذي يضم جميع المفديين على مر العصورمن كل أمة وقبيلة ولسان.
المعمودية وعشاء الرب
المعمودية المسيحية هي تغطيس المؤمن في الماء باسم الآب والابن والروح القدس. وهي فعل طاعة يصوّر رمزياً إيمان المسيحي بالمخلص الذي صُلب ودفن وقام، كما يصور موت المؤمن بالنسبة إلى الخطية ودفن الحياة القديمة والقيامة للسير في جدّة الحياة في المسيح يسوع. والمعمودية أيضاً شهادة من المسيحي المؤمن لإيمانه بقيامة الأموات الأخيرة. ولكونها فريضة كنسية، فهي شرط سابق لامتياز عضوية الكنيسة والاشتراك في عشاء الرب.
أما عشاء الرب فهو فعل طاعة رمزي فيه يقوم أعضاء الكنيسة، من خلال الاشتراك في الخبز ونتاج الكرمة، بإحياء ذكرى موت الفادي وإعلان الرجاء بمجيئه الثاني.
أمور الآخرة
إن الله، في وقته المعين وبطريقته الخاصة، سيأتي بالعالم إلى نهايته المناسبة. والرب يسوع المسيح، بحسب وعده، سيعود إلى الأرض شخصياً وعلنياً في مجده. وسيُقام الأموات، ويدين المسيح جميع البشر بالبر. أما الأشرار فسوف يُرسلون إلى الجحيم، مكان العقاب الأبدي. وأما الأبرار بأجسادهم المُقامة والممجدة فسينالون مكافآتهم ويسكنون إلى الأبد مع الرب في السماء.